الفيلم الجديد للمخرج ريتشارد لينكلتر صاحب Boyhood وسلسلة أفلام Before Sunrise ، وقصته عن ولد مراهق تختاره وكالة ناسا للذهاب إلى القمر عام ١٩٦٩ في مهمة تجريبية سرية والسبب أن المركبة التي صنعوها حجمها صغير ولا تناسب حجم رواد الفضاء البالغين. هذه القصة التي نتعرف إليها في أول خمس دقائق من الفيلم ما هي إلا وسيلة لعرض حياة العائلة الأميركية في ستينيات القرن الماضي بحنين واضح لتلك الفترة، وكأنها الفترة الأجمل في تاريخ الولايات المتحدة مقارنة بواقعها اليوم، فترة كانت الأحلام في الأجواء والحرية أكثر براءة، الفيلم مثير للإهتمام للمشاهد الأميركي بالدرجة الأولى نظرا للتفاصيل المتعلقة به والتي تعنيه في المقام الأول وهو غارق بالمحلية، لكن يبقى مثيرا للاهتمام للمشاهد القريب من الثقافة الأميركية ولديه اهتمام بماضيها. الفيلم أنيمايشن لكن بأسلوب واقعي، إذ جرى تصويره مع ممثلين ثم أضيف مؤثر بصري يعطي الانطباع بأنه فيلم تحريك. وقد استخدم المخرج لينكلتر هذا الأسلوب سابقاً في فيلمين له هما Waking Life و Scanner Darkly
هذا الفيلم سيء بالمقارنة مع نسخة عام ١٩٨٤، وهو أيضاً سيء من دون المقارنة معها. فيلم أُنتج ببلادة واضحة لا تهتم أبداً بالتواصل مع المشاهدين ولا جذب أنظارهم ولا تسليتهم وإنما إضاعة وقتهم.
الفيلم مأخوذ عن رواية للكاتب الشهير ستيفن كينغ، في عام ١٩٨٤ تحولت لفيلم لاقى نجاحاً واهتماماً بين الشباب والمراهقين، وتدور قصته حول فتاة لديها موهبة خارقة بإشعال النيران، وهو من الأفلام التي ألهمت صنّاع مسلسل Stranger Things. يومها أكّد على نجومية الموهبة الطفلة الممثلة “درو باريمور” التي جذبت الجمهور بأدائها. لكن في هذه النسخة الجديدة الطفلة الممثلة ركيكة وضعيفة الحضور، أما بقية الممثلين فهم يؤدون أدوارهم على عجل مدركين أنه فيلم للنسيان، على عكس الممثل “زاك إيفرون” الذي أخذ الموضوع بجدية فائقة، وهو لا يدرك أنه أكثر إقناعاً في الأفلام التي يمثل فيها بفانلة.
تقييمي: 2/10 أفضل ما في الفيلم هي الموسيقى التصويرية مع أنها ليست عظيمة، وومع ذلك لا تستاهل أن تكون في هذا الفيلم.
أكثر فيلم أثار جدلا وانقساماً حاداً حوله هذا العام، بل هو أشبه بالإنفجار وسط عامٍ سينمائي كان شبه ساكن وهاديء إلحدٍّ ما، إذ لم يشهد أي فيلم آخر هذا الشكل من الاهتمام العالمي، فهو من جهة جمع عدداً لافتاً من النجوم الذي رفعوا سقف التوقعات والحماس، ومن جهة أخرى سدّد سهاماً من السخرية السوداء إلى واقع الشراهة السياسية والاقتصادية، وإلى إيقاع حياتنا كبشر وثقافتنا السائدة حالياً، التي تتفاعل مع الترندات والميمز وأخبار المشاهير أكثر من القضايا الحقيقية والمصيرية التي تحدث حولها أو غارقة فيها، ثقافة الهروب الدائم من الواقع، والبحث عن من يجعل أخبار الكوارث والمآسي مشرقة وخفيفة على السمع أو بعيدة عنه، مثل ما ورد على لسان مذيعي البرنامج الصباحي الأميركي في الفيلم.
المخرج “آدم ماكاي” يأخذ نماذج من سينما الكوراث مثل فيلم Armageddon لا ليسخر منها كحال أفلام المحاكاة الكوميدية أو ألـ Parody (كـ Airplane,Scary movies,Naked gun) وإنما ليكون هجاءً ونقداً على غرار فيلم “دكتور سترانجلوف” لكوبريك و”نتوورك” لسيدني لوميت و“مارس أتاكس” لتيم بورتون، والتي بعضُ جيناتها حاضرة في هذا الفيلم ضمن قوالب حوارية ومواقف شبيهة بأسلوب برنامج SNL، حيث كان المخرج “ماكاي” جزءاً أساسياً من فريقه ولسنوات طويلة، وهو هنا نجح في صياغتها ضمن سياق سينمائي جيد ومتماسك فشلت فيه أفلام كوميدية أخرى ظهرت هذا العام وحاولت اللعب على نفس المنوال، فكانت عبارة عن مجرد سكيتشيهات تلفزيونية سيئة التنفيذ وسطحية وركيكة الكتابة ، في مقدمتها كان فيلم إيدي مورفي Coming 2 America.
شخصيات الفيلم الكاريكاتورية لم تقع في التهريج أو التفاهة. نجوم هذا الفيلم أعطوا لها حضورا من أفضل ما يكون، بدءاً بليوناردو ديكابريو الذي في نظري قدّم دوراً مهماً في مسيرته بعد أن غرق من بداياته في الأدوار الدرامية الطابع، ووصل إلى أقصى الممكن مع فيلم “العائد”، وبعده أصبح من الضروري التنويع وإبراز مساحات جديدة في موهبته. البراعة في الأداء الكوميدي لم تكن بارزة سابقاً عند ديكابريو، وبعض التجارب مع سبيلبرغ وفيلم سكورسيزي” ذئب وول ستريت” لم تكن مؤشراً قوياً، وكذلك فيلم تارانتينو “حدث ذات مرة في هوليوود”. هذا الفيلم جعلني أتطلع جداً لمشاهدة ليوناردو في المزيد من الأدوار الكوميدية وأيضاً الشريرة، فدوره في جانغو كان أيضاً مفاجئاً ومدهشاً.
الفيلم شهد عودة موفقة لجينيفر لورانس بعد سنتين من الغياب، وميريل ستريب متمكنة كعادتها. أما كايت بلانشيت فأداؤها الملفت أبرز تفاصيل شخصية المذيعة وروحها دون الحاجة لمزيد من الحوارات. شخصية الملياردير التي أداها الممثل مارك رايلنس هي توليفة لنجوم هذا العصر الرقمي مثل جيف بيزوس،إيلون ماسك، ومارك زوكربيرغ مع إحالة وتحية لشخصية “دكتور سترانجلوف” السايكوباثية. شخصية تيموثي شالاميه كانت ديكوراً زائداً، أما الممثل جوناه هيل فهو الأقل تألقاً.
فيلم “لا تنظر إلى السماء” فيلم جيد من الفكرة إلى التنفيذ رغم وقته الطويل نسبياً . عناصر فنية عدة بينها الكتابة، أستطاعت تجنيب هذا الفيلم سخافة أن يكون مجرد خطاب تهويلي وعظي مباشر في أجندة ليوناردو ديكابريو وحملته التوعوية ضد اخطار التبدل المناخي والاحتباس الحراري، أو بروباغندا أخرى ضد عهد الرئيس ترامب وأنصاره، صحيح أنه هناك اسقاطات واضحة عليه وعلى عهده واقتباسات من خطاباته، إلا ان هذا الفيلم يسدّد سهامه صوب الجميع، فالديموقراطيون وصحافتهم أيضاً غير بريئين من لعبة المصالح الضيقة التي تأتي على حساب كل شيء.
التقييم: 8/10 النيزك الذي يهرول صوب الارض ويهددها بالفناء، هو الكارثة المناخية التي تهرول صوبنا الآن ولا نلتفت إليها كثيراً رغم كوارثها الواضحة. قرار الحروب يتخذونه في ليلة قبل ضحاها وقبل أي مؤتمر أو قمة، والقرار لوقف ظواهر فناء الحياة على هذا الكوكب لم تنجح فيه عشرات قمم المناخ، وهذا الفيلم لن ينجح أيضاً، لكنه يبقى صرخة ساخرة.
ترددت كثيراً في مشاهدة هذا الفيلم الهندي، فأنا لا أحب أن أجلس لوحدي أتابع كليشيهات سينما بوليوود ومبالغاتها الطريفة، لأنها مناسبة لجلسة مع العائلة أو الأصدقاء حيث المشاهدة أمتع. لكن The White Tiger فيلم مختلف، دراما سوداوية تخوض عميقاً في الصراع الدموي داخل نظام اجتماعي صارم وحاد في طبقيته، فالعلاقة في ظاهرها هي بين غني وفقير، لكنها في جوهرها نوع حقير من العبودية صعب الفكاك منه، يدفع الشخصية الهندية إلى مزاولة النفاق في أحط صوره وأقساها. إنه كقن الدجاج، السبيل الوحيد للخروج منه هو الذبح. فكيف سيفرّ بطل الفيلم من مصيره المحتوم، وهو في أدنى السلم الإجتماعي يعيش في بلد وصفها ساخراً : “وصلت الديموقراطية إلينا قبل أن يصل الصرف الصحي، وما زلنا ننتظره” لذا الفيلم هو أيضاً عن عفن السياسة والسياسيين وعن الفساد المستشري في كل مفاصل الحياة.
الفيلم جيد الإنتاج وعناصره الفنية متكاملة، والتمثيل ممتاز والحضور الدرامي ملفت حتى عند الكومبارس والشخصيات الثانوية. هذا الفيلم هو النقيض للأمل الوردي في فيلم “مليونير العشوائيات” Slumdog millionaire، ويتقاطع كثيرا مع الكوري Parasite في جوهر العلاقات الطبقية وصراعاتها.
التقييم النهائي 8/10. الفيلم مأخوذ من رواية بنفس العنوان حازت على جائزة البوكر.
هذا الفيلم عبارة عن: مشاهد مستلفة من كذا فيلم، حوارات مرّت على أكثر من مئة فيلم قبل أن يكتبوها هنا، ونصف ربع حبكة من هناك، وتكرير لمواقف ومطاردات. كل هذا نستطيع ضربه في خلّاط وشربه على مضض والأمور تمشي، إلا التويست الرهيبة التي لا أدري أي حماقة دفعت بكتّاب السيناريو الثلاثة إلى ابتداعها، تويست الفيلم بمنتهى البلاهة والبلادة الإبداعية. ونتفليكس مصرّة إصراراً على أن تأتي بالأسوأ في كل مرة، لا أدري لماذا هذا الإصرار على إنتاج النفايات الفنية؟
لا أعتقد أن هناك شركة هوليوودية كبرى أصبح لديها هذه النسبة من السيء مصل نتفليكس، بين كل عشرة أفلام سيئة أو ممجوجة يصادفك إنتاج متوسط أو جيد. أما الإنتاجات “المميزة” فتخبئها نتفليكس لنهاية العام حتى تشارك بها في الأوسكار، وهي عادة تكون بمعدل ٣ أفلام، تزيد أو تنقص. هذا الإصرار على السيء سيكون واحداً من أسباب تراجع نتفليكس أمام المنافسين مثل ديزني و HBO وأمازون، صحيح أنهم لا ينتجون بحجم الكمية التي تنتجها نتفليكس، لكن على الأقل أن السيء عندهم هو مقبول وقليل بالمقارنة مع سيء نتفليكس.
فيلم Sweet girl هو فيلم انتقام آخر، رجل تموت زوجته بسبب شركة حرمتها الدواء فيسعى للانتقام مع ابنته. منالبداية تشعر أنك أمام شيء مكرر من أفلام التسعينات، حتى أنه يستعير مباشرة مشهد من فيلم Heat وهو اللقاء بين دينيرو وباتشينو في المطعم، إضافة لرشة من بهارات “جون ويك” وجايسون بورن” لكن صلاحيتها منتهية. هذا عدا أخطاء كان أبرزها أن مشاهد العراك التي تدور في أماكن عامة يختفي فجأة الناس، وتصبح كأنها تدور في صحراء قاحلة لا أحد يرى ويسمع العراك والصراخ والتكسير وإطلاق الرصاص !!
التقييم: واحد ونص من عشرة، المشكلة أن هذه التويست المفاجئة بغبائها جعلت كل شيء ينهار ويتداعى مع شعور عارم بإضاعة الوقت، هناك تمثيل جيد وخاصة البنت، وهناك مشاهد قتال وعراك تشدّ المشاهد في لحظتها فقط، لأنها غير متميزة ولا تبقى في البال. نتفليكس يجب أن يحسب لها الحساب أكثر، فهي أصبحت متخصصة في إضاعة الوقت وليس تمضيته كما هو مفترض، ومن الآن فصاعداً الأفضل أن أطلع على تقييمات أي فيلم تنتجه قبل أن أتهور بالمشاهدة، حتى لو كان الفيلم لتارانتينو أو نولان أو سلّومة الأقرع.
بما أنه مسلسل أصلي عربي لنتفليكس فمعظم المراجعة ستكون ضمن هذا الإطار وبالمقارنة مع مسلسل “جن” تحديداً، نظراً للقاسم المشترك في أنه إنتاج أردني ويتوجه لجمهور المراهقين، فيما المسلسل المصري “ما وراء الطبيعة” كان موجهاً لشريحة اجتماعية أوسع، وصانعوه لديهم خبرة درامية متراكمة أفضل على عكس صانعي مسلسل الروابي.
المسلسل يحكي قصة طالبات في مدرسة يتعرضن من زميلاتهن للتنمر يقررن الانتقام من المتنمرات.
هناك مجهود واضح على الصعيد الفني والانتاجي، وشكّل الأمر مفاجأة لي، فقد كان عندي توجس من هذه الناحية. فالتجارب الكوميدية السابقة للمخرجة تيما الشوملي كانت متواضعة الانتاج والإمكانيات الفنية رغم متابعتها العالية من الجمهور، وهذا طبيعي كونها انتاجات بمواصفات اليوتيوب ومواقع التواصل. لكن هنا في مسلسل “مدرسة الروابي للبنات” بدت تيما متمكنة بشكل كبير من معظم أدواتها كمخرجة تخطو خطواتها الأولى خارج عالم السوشال.
ومن العناصر الملفتة في “الروابي” الممثلات الرئيسيات، فالكاستنغ أو الاختيار كان جيداً لما يتمتعن به من حضور على الشاشة، صحيح أن الخبرة تنقص الوجوه الثلاثة الجديدة (أندريا طايع،يارا مصطفى وسلسبيلا) لكن هناك ممثلات ثلاث لديهن خبرة سابقة في التمثيل (نور طاهر،جوانا عريضة، وراكين سعد) ساعد أداءهن في تحفيز المبتدئات درامياً. لكن شهدت بعض المشاهد ضعفا في الأداء عند البعض وسببه بنظري مشاكل في الكتابة وعدم وجود تحضير كافي للمشهد.
المسلسل بشكل عام أفضل من مسلسل جن على صعيد الفكرة وصياغتها الدرامية، لكن المشكلة هي في طول مدة المسلسل، مما سبب تراخي ولحظات يدخل فيها الملل ويتمطى. فهناك بعض المواقف وكأنها مكررة. وهناك التزام “تقليدي” بكتابة السيناريو كان يجب خرقه إخراجياً بوجود لقطات تمهيدية لحدث يمكن الاستغناء عنها دون أدنى تأثير سلبي، بل العكس كان الاستغناء سيشد الإيقاع. ومن مشاكل الكتابة أنها بدت غربية الطابع أكثر منها أردنية الروح، فالتأثر أو الاقتباس واضح من أفلام ومسلسلات غربية عن التنمر أو تلك التي تدور احداثها بين طلاب المدارس، هناك محاولة واضحة عند كتاب السيناريو لإعطائها بُعد محلي،من الحلقة الثالثة حتى السادسة، لكن كانت تحتاج إلى جهد أفضل. كتابة الشخصيات احتاج إلى تمهيد أفضل لخلفية أو حال بعض تصرفاتهن والتقلب في المواقف. ولم يكن هناك عناية جيدة بالشخصيات الجانبية، وخاصة شخصيات العائلات، مع وجود استثناءات.
موضوع التنمر والانتقام طرحته أفلام وإنتاجات كثيرة. ربما أول فيلم لافت ومهم كان “كاري” للمخرج برايان دي بالما (إنتاج ١٩٧٦). وهناك صلة بين شخصية البطلة في “كاري” وشخصية مريم في “الروابي” حيث الإصرار على الانتقام رغم اختلاف الحالة النفسية. وشخصية “كاري” بدأ مسار انتقامها من صدمة التنمر الجماعي عليها في غرفة تغيير الملابس، والأمر نفسه حصل مع مريم في هذا المسلسل. لا أدري إذا كانت تيما الشوملي قد استفادت من فيلم “كاري” كونه مرجعية في هذا النوع، فهذا التقاطع كان لافتاً بالنسبة لي.
التقييم: 6/10، لو كانت الحلقة الواحدة نصف ساعة، لكان هناك نسخة من المسلسل مشدودة أكثر مما شاهدناه. لكن يبقى هذا العمل جهداً يستحق التشجيع رغم بعض الضعف والمشاكل التي في ثناياه، ولا ننسى أنه عمل أول لصانعيه وبمواهب أردنية قامت بتنفيذه فنياً من تصوير ومونتاج وتصميم، في بلد تجربته في الدراما قليلة بل شحيحة أحيانا، مقارنة بجيرانه مصر،سوريا، لبنان وفلسطين.
عمل متميز على صعيد الدراما العربية من ناحية النوع أي “الرعب” ومن ناحية الانتاج وتصميمه بعناية واضحة مع اهتمام بالتفاصيل. الجيد أن هذا العمل يصبح أفضل وأكثر جذباً بانتقاله من حلقة لأخرى، رغم أن قسماً من أجواء الخوف المنسوجة وقوالبها قد مرّت على الكثيرين وشاهدوها في أفلام ومسلسلات أجنبية، لكن هنا خط الحكاية والشخصيات لهم بُعد مصري محلي استطاع إلى حد ما انتشال ما يجري على الشاشة من عيب النسخ أو التقليد المباشر عبر سعي واضح لتقديم مادة تحاكي كتابات الراحل أحمد خالد توفيق بأسلوب سمعي بصري مثير للانتباه.
هذه أول مرة أرى أحمد امين في دور بعيد عن النوع الكوميدي الذي اشتهر به. طبعاً في بداية الإعلان عن المسلسل تخوف البعض أو أصابته الريبة من هذا الاختيار. لكنه كان موفقاً ومساحة جديدة استعرض فيها أحمد أمين موهبته وإجادته للتنويع وللخروج من النمط المعتاد.
التصوير كان مشغولاً بحرفية لدرجة اعتقدت أن مدير التصوير أجنبي، على عادة بعض المسلسلات والأفلام العربية مؤخراً، لكني تفاجأت وسررت بوجود اسم مدير التصوير أحمد بشاري. وأيضاً الموسيقى من تأليف خالد الكمار ساهمت في بريق المسلسل وبدت أقوى من بعض المشاهد واكثر حضوراً من الحدث نفسه وخاصة في الحلقة الأولى.
مسلسل “ما وراء الطبيعة” تجربة إيجابياتها أكثر من عيوبها وهي تستحق الاكتشاف على أن تكون خطوة نحو المزيد في إنتاج وخوض غمار أنواع درامية غائبة أو ضئيلة الحضور في شاشتنا العربية.
ملاحظة: لم أقرأ روايات أحمد خالد توفيق رحمه الله حتى أجري مقارنة.أفضل الحلقات بالنسبة لي: النداهة والحلقة الأخيرة، هناك بعض المؤثرات فيها ضعف واضح.
يبدو هذا الفيلم وكأنه حلقة من مسلسل، فإذا حاسبناه على هذا الأساس تحول قسم من سيئاته إلى حسنات، ومنها الشخصيات التي بحاجة لحضور أرسخ درامياً يعطيها ملامح كافية لتنشأ علاقة بينها وبين المتفرج. هناك عناية بسيطة بالشخصية الرئيسية التي يؤديها توم هانكس مع اتكال كبير على حضوره وأدائه. معظم الجنود يبدون وكأنهم جندي واحد، لا تفاصيل في شخصياتهم تجعل جندياً يتميز عن آخر. لو كان حلقة تلفزيونية لوجدنا في سياق الحلقات السابقة ما يسد حاجة المشاهد بأن يكون أقرب إلى الحدث ومعني بأشخاصه أكثر. مدة الفيلم القصيرة (حوالي ٩٠ دقيقة) مع ما فيها من تكرار، كانت تسمح بزيادة المدة لإعطاء مساحات لشخصيات الفيلم لتتبلور، لكن صنّاع الفيلم أحبوا الاتكال أو التركيز على أحداث المعركة والمطاردة القاتلة بين الغواصات الألمانية والقافلة الأميركية التي تتجه صوب بريطانيا للدعم في أجواء الحرب العالمية الثانية.
هناك تكرار واضح في المواجهات داخل الفيلم، وشاهدنا نفس الموقف يعاد ويعاد بين سفينة توم هانكس والغواصات، وحاولت الموسيقى التغطية على هذا الضعف ونجحت إلى حد ما. المفارقة أن رغم المشاكل التي يحملها الفيلم إلا أنه يبقى مثيراً للاهتمام، وخاصة مع إبرازه لتفاصيل المواجهات الدامية بمصطلحاتها الحربية وتفاصيلها اللوجستية، وهذا أمر قلما شاهدناه في هذا النوع من الأفلام، حيث استطاع حشر أنفاسنا في البعض منها وخلق حالة من التوتر والاندماج ولو إلى حين.
التقييم كفيلم 6\10 و إذا كان حلقة تلفزيونية 8\10، توم هانكس أنتج سابقاً مسلسلين عن الحرب العالمية الثانية وهما Band of Brothers و The Pacific يستحقان المشاهدة والاكتشاف ويبدو أنه عند كتابته لسيناريو الفيلم كانا في باله.
يبدو الفيلم وكأنه نسخة “دي سي” من ديدبول (هل نسميها عقدة مارفل ؟). بالمقارنة نجد التشابه كبير في الصياغة : فلاشباك + كلام وتعليق + روح النكتة الساخرة (نكتة ساخرة ؟ !!!) لكن لا يوجد ديدبول ولا كاتب سيناريو ومخرج يدركان معنى التهكم والعبثية و الـ Parody أو المحاكاة الساخرة. وإنما هناك هارلي كوين، تلك الشخصية التي كانت أحد إيجابيات فيلم Suicide Squad تحولت هنا لمجرد شخصية ثرثارة ثقيلة الحضور بين زميلاتها. والسبب يعود لغثاثة السيناريو من جهة ولأنه لا يوجد مخرج خبير مثل “ديفيد آير” يعرف كيف يدير مارغو روبي في هذه الشخصية ويتفادى العيوب. فمخرجة هذا الفيلم الصينية “كاثي يان” آتية من تجربة إخراج يتيمة وفيلم متواضع الامكانيات عنوانه Dead pigs لذايبدو عليها أنها مهيضة الجناح في أول إنتاج ضخم بين يديها. ما لفتني في الفيلم كله هو حضور الممثلة ماري إليزابيت وينستيد التي كانت الأبرز بشخصية Huntress وكانت تستاهل فيلماً خاصاً بها.
مرة انتقد المخرج جيمس كاميرون أفلام الأكشن النسائية وخاصة أفلام الأبطال الخارقين وبينها فيلم “ووندر وومان”، وقال بأنها تبيع الوهم للنسوية، لأن بإمكانك وضع ممثل مكان الممثلة دون أن تضطر لتغيير شيء في القصة باستثناء تفاصيل يسيرة. واتهم هوليوود بأنها تقدم في الأساس شخصيات رجالية بدّلوا شكلها وإسمها فقط لتكون أنثوية. وهذا ما ينطبق على هذاالفيلم أيضاً وبشكل كبير.
التقييم النهائي 10\2 نفس التقييم الذي منحته لكابتن مارفل الذي عرض العام الماضي بنفس التوقيت تقريباً، لكن الفرق بين الفيلمين أنني مستعد لمشاهدة كابتن مارفل مرة ثانية، أما هذا فلا وأبداً. حسنته الوحيدة أنه أبرز حسنات Suicide squad.
بالمقارنة مع الفيلم الأول الذي أنتج قبل ١٩ عاماً، يبدو هذا الفيلم وكأنه حلقة تلفزيونية بحوارات أشبه بالثرثرة وأحداث قليلة بليدة معروفة النتيجة والخلطة. النصف ساعة من فيلم شافت (عام ٢٠٠٠) نستطيع أن نصنع منها فيلمين إذا أعدنا صياغتها بحسب إيقاع هذا الفيلم التلفزيوني.
والمثل يقول “إذا عرف االسبب بطل العجب” فكاتب القصة والسيناريو “كينيا باريس” اختصاصه الأصلي برامج ومسلسلات تلفزيونية والمخرج “تيم ستوري” لم يلمع اسمه في السينما فاتجه للشاشة الصغيرة وخرج منها ليقدم لنا هذه النسخة الهزيلة من شافت.
هذا الفيلم ينفع طلاب السينما فبالمقارنة بينه وبين نسخة عام ٢٠٠٠ السينمائية الجيدة نستطيع أن ننتبه ونتعلم الفرق بين الكتابة للتلفزيون أو الإذاعة وبين الكتابة للفن السابع، وبين صياغة شخصيات مثيرة للاهتمام في مقابل شخصيات مثيرة للشفقة أو عدم الاكتراث، حتى ولو كان شافت هو مجرد فيلم مطاردات تجاري.
التقييم 4/10 احتراماً للـ MF الكبير الذي يمتعك بحضوره ويجذبك حتى ولو جلس وثرثر على طول الفيلم.