في ظل الجدل الدائر الذي أطلقه المخرج “مارتن سكورسيزي” حول أفلام السوبرهيروز وتحديداً أفلام مارفل والتي وصفها بأنها ليست سينما وإنما مدينة ملاهي، قال المخرج جورج ميلر:
بالنسبة لي، هي جميعها “سينما”. وبالأساس ماذا تعني للجمهور. لا يمكن أن تفصلها أو تلغيها وتقول هذه سينما وهذه ليست سينما. وهذا ينطبق على باقي الفنون والأدب. السينما قطعة موزاييك منوعة لا تستطيع أن تقول هذا الفيلم لا مكان له فيها.
ميلر أثناء تصوير ماد ماكس
وبالنسبة لثلاثية أفلام “ماد ماكس” أكّد ميلر أنه بدأ العمل عليها وبأنه سيكون هناك فيلم خاص منها عن شخصية “فوريوزا” التي أدتها الممثلة شارليز ثيرون. وكان توقف العمل على تكملة فيلم ماد ماكس الأخير بعد نجاحه الجماهيري وحصوله على ٦ جوائز أوسكار، بسبب مشاكل مالية بين ميلر وشركة وارنر.
كان توقعي أن يشهد الموسم الرابع تراجعاً في بريق أجواء الحكاية وشخصياتها، فقد تأخّر نحو ٣ سنوات، وأبطاله كبروا والموسم الثالث كان جيداً وممتعاً لكنه فقد شيئاً من السحر والجاذبية التي عرفناها في الموسم الأول وامتدت للثاني. الموسم الرابع إلى الآن، أعاد السحر والبريق، وجدّد الشغف وأوصله إلى ذروته مع الحلقة الرابعة التي كانت أفضل حلقة في هذا الموسم ومن أفضل حلقات المسلسل، ومن بعدها تصاعد التوتر مع قصة بدأت عادية بمسارين في الحلقة الأولى، لتتشعب إلى خمس مسارات تتقاطع أحياناً فيما بينها دون أن تشعر المشاهد بالضياع أو الملل.
هذا المسلسل الذي يستلهم أفلام الثمانينات تحديداً وخاصة أفلام سبيلبرغ وستيفن كينغ وأفلام الرعب التي صنعت تلك المرحلة، يستحضر هنا في هذا الموسم أفلاماً مثل Nightmare on Elm street بشكل أساسي ، مع استضافة بطله روبرت لونغلند في دور صغير، وأيضاً هناك استحضار لفيلم Carry للمخرج برايان دي بالما وفيلم War Games الذي كان أول فيلم تناول موضوع القرصنة والحرب الإلكترونية، و “صمت الحملان” في مشهد رغم أنه من مطلع التسعينيات.
شخصيات جديدة برزت في هذا المسلسل عززت شكل وتنوع الصراعات الدرامية وروح النكتة، منها جوزيف كوين في دور إيدي والذي فيه شبه كبير من روبرت داوني جونيور، ومايسون داي في شخصية جايسون، وشخصية أرغايل ويوري والحارس الروسي (احزروا من؟). كما عاد بقوة مع مساحة حضور أكبر شخصيات مثل موراي وإيريكا.
الملفت في هذا الموسم هو رمزية تقديمه في ثنايا الأحداث لمشكلة الاكتئاب عند المراهقين وآثارها المرعبة والقاتلة وبعض وسائل الخروج منها بعيداً عن الوعظ والمباشرة. وتميز أيضاً بالرجوع إلى ماضي شخصية إلفين الرئيسية. هذا تقييم وفق السبع حلقات التي عرضت كجزء أول من هذا الموسم، ويبقى حلقتان ستعرضان مطلع الشهر القادم وعندها سيكون التقييم كاملاً، وإلى الآن متفائل.
فيلم أنيق بتصويره وتصميم مشاهده، والسيناريو جرت خياطة مواقفه بطريقة ترفع التشويق وتشد المشاهد وتفاجئه بهدوء ومن حيث لم يتوقع وبعيداً عن الصخب. هناك حياكة جيدة للشخصيات ضمن دورها في القصة، وتفاصيل منحت الممثلين مساحة لإظهار مواهبهم، خاصة عند مارك رايلانس المخضرم، والممثل الشاب جوني فلين في دور فرانسيس.
القصة عن محل لخياط إنجليزي في مدينة شيكاغو، تستخدمه العصابات لتبادل الرسائل، ورغم نجاح الخياط في ابقاء نفسه وعمله بعيداً عن المشاكل، إلا أن حدثاً سيجرّه ليتورط في مواقف صعبة.
هذا الفيلم الأول لغراهام مور مخرج الفيلم وكاتبه، فهو سابقاً اشتهر ككاتب سيناريو بعد فوزه بأوسكار أفضل سيناريو مقتبس عن فيلم The Imitation Game ، وموهبته في الكتابة نجحت بعدم الوقوع في فخ القالب المسرحي، فالقصة تحمل عناصر وملامح الكتابة المسرحية، إذ تجري في مكان واحد مغلق، مع شخصيات قليلة، وفترة زمنية محدودة، وهذا شيء كان سيسمح بشيء من الضعف مع حالة من التملل أو طغيان للحوارات، لكن غراهام لديه أيضاً حس المخرج وعين سينمائية، لذا عرف كيف يستغل التصوير والألوان والمونتاج ليكون لها دورها الدرامي والتصاعدي وتوظيفهم في كتابة السيناريو.
التقييم 7.5/10 فيلم مشوّق ممتع لا يدّعي الكثير، ومن نوعية لا تنتج كثيرا هذه الأيام. الممثل مارك رايلنس تدرّب وعمل كخياط من أجل دوره في هذا الفيلم
الفيلم الجديد للمخرج ريتشارد لينكلتر صاحب Boyhood وسلسلة أفلام Before Sunrise ، وقصته عن ولد مراهق تختاره وكالة ناسا للذهاب إلى القمر عام ١٩٦٩ في مهمة تجريبية سرية والسبب أن المركبة التي صنعوها حجمها صغير ولا تناسب حجم رواد الفضاء البالغين. هذه القصة التي نتعرف إليها في أول خمس دقائق من الفيلم ما هي إلا وسيلة لعرض حياة العائلة الأميركية في ستينيات القرن الماضي بحنين واضح لتلك الفترة، وكأنها الفترة الأجمل في تاريخ الولايات المتحدة مقارنة بواقعها اليوم، فترة كانت الأحلام في الأجواء والحرية أكثر براءة، الفيلم مثير للإهتمام للمشاهد الأميركي بالدرجة الأولى نظرا للتفاصيل المتعلقة به والتي تعنيه في المقام الأول وهو غارق بالمحلية، لكن يبقى مثيرا للاهتمام للمشاهد القريب من الثقافة الأميركية ولديه اهتمام بماضيها. الفيلم أنيمايشن لكن بأسلوب واقعي، إذ جرى تصويره مع ممثلين ثم أضيف مؤثر بصري يعطي الانطباع بأنه فيلم تحريك. وقد استخدم المخرج لينكلتر هذا الأسلوب سابقاً في فيلمين له هما Waking Life و Scanner Darkly
فيلم تشويق عن امرأة تسافر إلى كرواتيا لقضاء يومين إجازة مع صديقتها التي تختفي في صباح اليوم التالي وسط ظروف غامضة فتبدأ رحلة البحث والتقصي. قوة الفيلم في أداء ممثليه الرئيسيين “لايتون ميستر” بعينيها المعبرتين عن حيرتها وقلقها والمشاعر التي تخالجها، والفلسطيني “زياد بكري” الذي أدّى بدفء انساني دور اللاجيء السوري الذي يعمل سائق تاكسي ويساعد في عملية البحث. التشويق في الفيلم قائم على مجموعة من التويستات، قد يبدو بعضها متوقعاً، لكن سيناريو الفيلم مشدود وإن احتوى على بعض الانتقالات السريعة والثغرات التي كانت تحتاج لتمهيد أفضل. ولكن ذلك لا يؤثرا كثيراً على كونه فيلم يصلح لتمضية السهرة دون خيبات.
التقييم: 6.5/10، من الأفلام التي تعيد تقديم شخصية السوري والعربي بطريقة أقرب للواقع بعيداً عن التنميط السلبي الذي كان سائداً في هوليوود.
هناك تشابه واضح بين مسلسل “البحث عن علا” ومسلسل آخر لنتفليكس هو Sweet Magnolias، كلاهما عن إمراة تطلقت من زوجها الدكتور الذي ارتبط بفتاة شابة أصغر منها. ومن أجل تحقيق ذاتها واستقلاليتها تقوم الأم المطلقة مع صديقاتها بعمل مشروع تجميلي، الطلاق مرّ بسلاسة والرجل الأب كان إيجابياً نوعاً ما في علاقته مع طليقته، والتوتر معظمه ينشأ من وجود الشابة المرتبط بها. هنا تقريباً التشابه يتوقف، ويذهب كل مسلسل في اتجاه معالجة مختلف، رغم وجود بعض التشابه لاحقاً في بعض التفاصيل هنا وهناك. “البحث عن علا” يتجه للتمحور حول “علا” فقط في بحثها عن ذاتها كمطلقة، مع أسلوب طريف في مخاطبة المشاهد وتوريطه أو ما يسمى بكسر الجدار الرابع، وهو مستمد ومستمر من “عايزة اتجوز”، المسلسل النتفليكسي الآخر Sweet Magnolias يغوص في العلاقات بين شخصياته وشربكاتها العديدة، عاكساً حال مجتمع البلدات الأميركية، بينما شخصية الأم المطلقة ليست هي المحور والأساس.
في وسط هذا التشابه، نجح المسلسل من جهة الكتابة في صياغة خط قصصي مختلف وممتع في سرده وفي بعض طروحاته، لكنه قام بالتماهي مع جزء كبير من مشتركي نتفليكس في الشرق الاوسط كما تراه المنصة، فهم في الغالب ينتمون لطبقات مرتاحة مادياً بحسب إحصاءات، مع مسايرة واضحة لحالة في الدراما سائدة عربياً وهي “دراما الكومبَوْندات” وهذه أيضاً قالب غير بعيد عن قوالب نتفليكس. و“دراما الكومبَوْندات “ تحتاج إلى دراسة ونقد بشكل منفصل لأنها أصبحت ظاهرة شائعة. المسلسل حاول أن يكون متفائلاً وباعثاً على الأمل، وبأن حياة المرأة لا تتوقف عند الطلاق، ولكن حتى ضمن هذه المجتمعات في منطقتنا، حال الطلاق وخاصة عند المرأة ليس وردياً وبهذا اللمعان كما قدمه المسلسل، وأضف أن معظم المشاكل الأخرى التي شاهدناها لا تُحلّ على أرض الواقع بمثل هذه السهولة وبكلمتين على الماشي، لذا كان المسلسل في كثير من الأحيان شبيهاً بأفلام أميرات ديزني زمان، بينما الكثيرون كانوا يتطلعون أن يكون المسلسل أقرب إلى تعقيدات الحياة والطلاق على أرض الواقع، ليس المطلوب أن يكون هنا سوداوياً درامياً، لكن أقلّ خفة وأكثر كوميدية، مثل سلفه الجوهرة “عايزة اتجوز”.
التقييم: 6.5/10، هذا أفضل إنتاج عربي لنتفليكس إلى اليوم، إنتاجاً كتابةً وإخراجاً. الممثلة هند صبري هي قلبه وأساسه بخفة روحها وحضورها السلس، حيث تجعل الصعب على الذائقة سهلاً، وترسم ابتسامات على وجوهنا من مشاهد وحوارات قد تبدو أحياناً باهتة أو عادية.وطبعا لا ننسى سوسن بدر الرائعة.
سأكتب باختصار لتجنب الحرق فيلم طموح جداً في ما يريد معالجته على صعيد الحبكة والشخصيات، كان سيعتبر تحفة لو جرى انتاجه قبل ثماني سنوات. فهذا الطموح يصطدم عند التصنيف العمري PG13 لأن مستوى السوداوية الحاد والجو الداكن وشخصياته الشريرة والدموية تشعر أنهم يحتاجون لمجال أوسع وأفضل من هذا التصنيف. فهذه الأجواء السوداوية في نسخة نولان مثلاً كانت مرتاحة أكثر مع شخصياتها ومتوازنة مع التصنيف. كتابة The Batman تبدو أيضاً خاضعة وراضخة للمزاجية السائدة في انتاجات هوليوود وضروراتها، وكان الأمر واضحاً في بعض المشاهد ومع وجود بعض الشخصيات. ورغم أنه فيلم مشغول وعامر بالتفاصيل المحمسة ، لكن يبقى هناك قليل من هذه التفاصيل التي كان من الممكن الاستغناء عنها لصالح مسار الفيلم وتجنباً للشعور بالتكرار، مع وضوح أفضل تحتاجه بعض العلاقات بين الشخصيات . ووسط جودة تنفيذ الفيلم، هناك تفصيل كان يجب ألا يمرّ، شخص يتعرض لإطلاق نار وينزف ثم نراه سالماً معافى!
التقييم ٧/١٠ هناك ملامح داخل The Batman تذكرك بثلاثة أفلام لديفيد فينشر (7 ونادي القتال وزودياك) وهنا يقفز في بالك سؤال لذيذ، ماذا لو كان هذا الفيلم من إخراج فينشر ؟
هذا الفيلم سيء بالمقارنة مع نسخة عام ١٩٨٤، وهو أيضاً سيء من دون المقارنة معها. فيلم أُنتج ببلادة واضحة لا تهتم أبداً بالتواصل مع المشاهدين ولا جذب أنظارهم ولا تسليتهم وإنما إضاعة وقتهم.
الفيلم مأخوذ عن رواية للكاتب الشهير ستيفن كينغ، في عام ١٩٨٤ تحولت لفيلم لاقى نجاحاً واهتماماً بين الشباب والمراهقين، وتدور قصته حول فتاة لديها موهبة خارقة بإشعال النيران، وهو من الأفلام التي ألهمت صنّاع مسلسل Stranger Things. يومها أكّد على نجومية الموهبة الطفلة الممثلة “درو باريمور” التي جذبت الجمهور بأدائها. لكن في هذه النسخة الجديدة الطفلة الممثلة ركيكة وضعيفة الحضور، أما بقية الممثلين فهم يؤدون أدوارهم على عجل مدركين أنه فيلم للنسيان، على عكس الممثل “زاك إيفرون” الذي أخذ الموضوع بجدية فائقة، وهو لا يدرك أنه أكثر إقناعاً في الأفلام التي يمثل فيها بفانلة.
تقييمي: 2/10 أفضل ما في الفيلم هي الموسيقى التصويرية مع أنها ليست عظيمة، وومع ذلك لا تستاهل أن تكون في هذا الفيلم.
توليفة الفيلم مضمونة النجاح، فهي تم تجريبها في ١٦ نسخة سابقاً، وبعد النسخة العربية هذه ورقمها ١٧، دخل الفيلم موسوعة جينيس ليصبح أكثر فيلم جرت إعادة صناعته في تاريخ السينما. هذه النسخة العربية اللبنانية يرسخ فيها مفهوم “الصناعة” أكثر من نسخٍ أخرى. لأنها كانت نَسْخاً بالحرف والنقطة والفاصلة عن الفيلم الأصلي الإيطالي المشهور بإسم Perfect Strangers، بينما نجد على سبيل المثال النسخة الفرنسية وعنوانها Le Jeu لم ترتضي هذا النسخ الكامل فاجتهدت في صياغة شخصياتها وفَرْنَسَتِها (جعلها فرنسية) ضمن الممكن، واجتهدت بتوليف النقلات الدرامية بين موقف وآخر بشكل مختلف، وأيضاً تعزيز الربط بين كل ما يحدث دون الوقوع في الفوتوكوبي الكامل للفيلم الأصلي. ولكن هذه المقدمة لا تعني أن النسخة العربية سيئة أو غير جيدة في إمتاع المشاهد وإلقاء الضوء على أزمات موجودة في العلاقات اليومية، والتي تختلف نسبتها وأشكالها بين بيئة وأخرى.
السيء في الموضوع أن يتحول نجاح هذا الفيلم لاحقاً إلى نموذج يُحتذى، ونشهد كمية كبيرة من الانتاجات العربية مستقبلاً هي عبارة عن نسخ ولصق بالميليمتر والسنتيمتر لأعمال غربية ناجحة، ونصبح في حنين إلى أيام السرقة والاقتباس السائدين حالياً، وهناك فرق كبير بين الحالتين، النسخ واللصق، والسرقة والاقتباس.
النسخ واللصق هو أشبه بالفرانشايز Franchise حيث هناك وصفة كاملة للنجاح مجربة أكثر من مرة، تأخذها بمكوناتها أو بال Bible الموضوع لها (كما هو اللفظ المتداول في هذا المجال) تقوم بتنفيذها بحذافيرها وانت مرتاح البال. هذا حصل مراراً وتكراراً مع برامج كثيرة نسختها شاشاتنا مثل Arab Idol و Xfactor وغيرها كثير، واليوم الخوف من أن يكون الدور أتى على الدراما، وهذا الأمر قد يلغي أو يضيق المجال على السينمائي والفنان العربي، ويجعله مجرد منفذ لإبداعات غيره، يعيد تقديمها للإستهلاك وكأنه فرع للوجبات السريعة مثل ماكدونالدز لكن في مجال الدراما.
أما السرقة والاقتباس فهذا حال السينما في المنطقة العربية وغيرها من بلدان العالم منذ البدايات، وليست أمراً جديداً وطارئاً. وهناك اعمال كثيرة مهمة وناجحة كانت عبارة عن اقتباسات أو سرقات أدبية وسينمائية، مثل ألف مبروك، وعصابة حمادة وتوتو، الإمبراطور وسلام يا صاحبي وغيرها كثير. افلام اقتبست الفكرة الأصلية ثم قامت بالإجتهاد في تمصيرها وإعادة صياغة قصتها بما هو أقرب لمشاكل الجمهور المُخاطب وهمومه اليومية. ربما لو كانت حبكة هذا الفيلم ضمن هذا المجال، لأحببت مثلاً أن أشاهد حول الطاولة، رجل دين داعية وربة منزل،أستاذ جامعي ومعالجة نفسية،محامي وطبيبة أسنان، وصحفي، وبعدها لنشهد ماذا سيبدع كتاب السيناريو في هذا الإقتباس من مواقف وردود فعل.
هذه النسخة جيدة في ممثليها، وعادل كرم الحلقة الأضعف بينهم إذ كان مُربَكاً في أدائه، أما الإخراج فحاول أن يكون مختلفاً في طريقة تصوير الأحداث، التي كان الغالب عليها في نُسَخٍ أخرى، ثبات الكاميرا مع تحريكها قليلاً بحسب تصاعد التوتر في الجو. هنا الكاميرا متحركة على الكتف طوال الوقت مع تقطيع سريع في المونتاج، أسلوب لا ينفع كثيراً في هذا النوع من الدراما، لكن المخرج وسام سميرة نجح جداً فيه ويشكل لافت وخاصة أنه فيلمه السينمائي الأول، رغم وجود بعض اللحظات التي كانت تعمل زغولة بسيطة لكنها في النهاية لحظات لا أثر لها على العمل ككل.
تقييم الفيلم ٦ من عشرة بالمقارنة مع النسخة الأصل وغيرها، و٧ من عشرة كتقييم عام. وهذا الفيلم هو أول فيلم عربي من إنتاج نتفليكس.
أكثر فيلم أثار جدلا وانقساماً حاداً حوله هذا العام، بل هو أشبه بالإنفجار وسط عامٍ سينمائي كان شبه ساكن وهاديء إلحدٍّ ما، إذ لم يشهد أي فيلم آخر هذا الشكل من الاهتمام العالمي، فهو من جهة جمع عدداً لافتاً من النجوم الذي رفعوا سقف التوقعات والحماس، ومن جهة أخرى سدّد سهاماً من السخرية السوداء إلى واقع الشراهة السياسية والاقتصادية، وإلى إيقاع حياتنا كبشر وثقافتنا السائدة حالياً، التي تتفاعل مع الترندات والميمز وأخبار المشاهير أكثر من القضايا الحقيقية والمصيرية التي تحدث حولها أو غارقة فيها، ثقافة الهروب الدائم من الواقع، والبحث عن من يجعل أخبار الكوارث والمآسي مشرقة وخفيفة على السمع أو بعيدة عنه، مثل ما ورد على لسان مذيعي البرنامج الصباحي الأميركي في الفيلم.
المخرج “آدم ماكاي” يأخذ نماذج من سينما الكوراث مثل فيلم Armageddon لا ليسخر منها كحال أفلام المحاكاة الكوميدية أو ألـ Parody (كـ Airplane,Scary movies,Naked gun) وإنما ليكون هجاءً ونقداً على غرار فيلم “دكتور سترانجلوف” لكوبريك و”نتوورك” لسيدني لوميت و“مارس أتاكس” لتيم بورتون، والتي بعضُ جيناتها حاضرة في هذا الفيلم ضمن قوالب حوارية ومواقف شبيهة بأسلوب برنامج SNL، حيث كان المخرج “ماكاي” جزءاً أساسياً من فريقه ولسنوات طويلة، وهو هنا نجح في صياغتها ضمن سياق سينمائي جيد ومتماسك فشلت فيه أفلام كوميدية أخرى ظهرت هذا العام وحاولت اللعب على نفس المنوال، فكانت عبارة عن مجرد سكيتشيهات تلفزيونية سيئة التنفيذ وسطحية وركيكة الكتابة ، في مقدمتها كان فيلم إيدي مورفي Coming 2 America.
شخصيات الفيلم الكاريكاتورية لم تقع في التهريج أو التفاهة. نجوم هذا الفيلم أعطوا لها حضورا من أفضل ما يكون، بدءاً بليوناردو ديكابريو الذي في نظري قدّم دوراً مهماً في مسيرته بعد أن غرق من بداياته في الأدوار الدرامية الطابع، ووصل إلى أقصى الممكن مع فيلم “العائد”، وبعده أصبح من الضروري التنويع وإبراز مساحات جديدة في موهبته. البراعة في الأداء الكوميدي لم تكن بارزة سابقاً عند ديكابريو، وبعض التجارب مع سبيلبرغ وفيلم سكورسيزي” ذئب وول ستريت” لم تكن مؤشراً قوياً، وكذلك فيلم تارانتينو “حدث ذات مرة في هوليوود”. هذا الفيلم جعلني أتطلع جداً لمشاهدة ليوناردو في المزيد من الأدوار الكوميدية وأيضاً الشريرة، فدوره في جانغو كان أيضاً مفاجئاً ومدهشاً.
الفيلم شهد عودة موفقة لجينيفر لورانس بعد سنتين من الغياب، وميريل ستريب متمكنة كعادتها. أما كايت بلانشيت فأداؤها الملفت أبرز تفاصيل شخصية المذيعة وروحها دون الحاجة لمزيد من الحوارات. شخصية الملياردير التي أداها الممثل مارك رايلنس هي توليفة لنجوم هذا العصر الرقمي مثل جيف بيزوس،إيلون ماسك، ومارك زوكربيرغ مع إحالة وتحية لشخصية “دكتور سترانجلوف” السايكوباثية. شخصية تيموثي شالاميه كانت ديكوراً زائداً، أما الممثل جوناه هيل فهو الأقل تألقاً.
فيلم “لا تنظر إلى السماء” فيلم جيد من الفكرة إلى التنفيذ رغم وقته الطويل نسبياً . عناصر فنية عدة بينها الكتابة، أستطاعت تجنيب هذا الفيلم سخافة أن يكون مجرد خطاب تهويلي وعظي مباشر في أجندة ليوناردو ديكابريو وحملته التوعوية ضد اخطار التبدل المناخي والاحتباس الحراري، أو بروباغندا أخرى ضد عهد الرئيس ترامب وأنصاره، صحيح أنه هناك اسقاطات واضحة عليه وعلى عهده واقتباسات من خطاباته، إلا ان هذا الفيلم يسدّد سهامه صوب الجميع، فالديموقراطيون وصحافتهم أيضاً غير بريئين من لعبة المصالح الضيقة التي تأتي على حساب كل شيء.
التقييم: 8/10 النيزك الذي يهرول صوب الارض ويهددها بالفناء، هو الكارثة المناخية التي تهرول صوبنا الآن ولا نلتفت إليها كثيراً رغم كوارثها الواضحة. قرار الحروب يتخذونه في ليلة قبل ضحاها وقبل أي مؤتمر أو قمة، والقرار لوقف ظواهر فناء الحياة على هذا الكوكب لم تنجح فيه عشرات قمم المناخ، وهذا الفيلم لن ينجح أيضاً، لكنه يبقى صرخة ساخرة.
ترددت كثيراً في مشاهدة هذا الفيلم الهندي، فأنا لا أحب أن أجلس لوحدي أتابع كليشيهات سينما بوليوود ومبالغاتها الطريفة، لأنها مناسبة لجلسة مع العائلة أو الأصدقاء حيث المشاهدة أمتع. لكن The White Tiger فيلم مختلف، دراما سوداوية تخوض عميقاً في الصراع الدموي داخل نظام اجتماعي صارم وحاد في طبقيته، فالعلاقة في ظاهرها هي بين غني وفقير، لكنها في جوهرها نوع حقير من العبودية صعب الفكاك منه، يدفع الشخصية الهندية إلى مزاولة النفاق في أحط صوره وأقساها. إنه كقن الدجاج، السبيل الوحيد للخروج منه هو الذبح. فكيف سيفرّ بطل الفيلم من مصيره المحتوم، وهو في أدنى السلم الإجتماعي يعيش في بلد وصفها ساخراً : “وصلت الديموقراطية إلينا قبل أن يصل الصرف الصحي، وما زلنا ننتظره” لذا الفيلم هو أيضاً عن عفن السياسة والسياسيين وعن الفساد المستشري في كل مفاصل الحياة.
الفيلم جيد الإنتاج وعناصره الفنية متكاملة، والتمثيل ممتاز والحضور الدرامي ملفت حتى عند الكومبارس والشخصيات الثانوية. هذا الفيلم هو النقيض للأمل الوردي في فيلم “مليونير العشوائيات” Slumdog millionaire، ويتقاطع كثيرا مع الكوري Parasite في جوهر العلاقات الطبقية وصراعاتها.
التقييم النهائي 8/10. الفيلم مأخوذ من رواية بنفس العنوان حازت على جائزة البوكر.